تجمع أعضاء ستارسيريا الفني

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عيش حياتك بكل تفاصيلها


    الاخلاق ورائحة الجرابات بقلم الكاتب السوري لقمان ديركي

    avatar
    مسخرة
    Admin


    المساهمات : 24
    تاريخ التسجيل : 23/08/2008

    الاخلاق ورائحة الجرابات بقلم الكاتب السوري لقمان ديركي Empty الاخلاق ورائحة الجرابات بقلم الكاتب السوري لقمان ديركي

    مُساهمة  مسخرة الإثنين أكتوبر 20, 2008 2:26 am

    وتقول في نفسك: ما الذي يربط بين الأخلاق ورائحة "الجرابات"، وتجيب: لأنّ الأقدمين قالوا متهكِّمين أنه أهم شيء الأخلاق ورائحة "الجرابات"، وضحك الضاحكون المتضاحكون المضحكون، وذهبت مثلاً، وقيلت عرَضاً، وعُلِكتْ مضضاً، وعلى مضضٍ تابعتُ تساؤلاتي الخفية، ودبقت روحي، وحصرت حالي "بخانة اليك" قائلاً: ولكن ما علاقة الأخلاق برائحة "الجرابات" سوى ما ضحك منه المتضاحكون الضاحكون المضحكون،

    فابتسمتُ لنفسي ابتسامة الفهمان، ونظرتُ إلى نفسي نظرة الأستاذ إلى تلميذه الذكي المستعجل الخاطف الرسمي "للكبة من رأس الماعون"، وقلتُ إنَّ البند الأول للمعاهدة الدولية بخصوص رائحة "الجرابات" ينصُّ على أنَّ الإنسان الذي تتغيَّر رائحته بلمسة واحدة وهي خلع حذائه فهو إنسان بلا أخلاق ( أخلاق يوق، ماكو أخلاق، ما في أخلاق)، لأنه ليس من الأخلاق أن تظهر شيئاً وتُخفي عكسه، ليس من الأخلاق أن نراك نظيفاً لامعاً مهندماً مترنِّماً على الفننِ، وبعد لحظات وربما ساعات وربما أيام وربما سنوات نكتشف أنه في لك رائحة "جرابات"، .. ورائحة قوية نفّاذة أخَّاذة للنَفَس بعد إهلاكه، فتقول في نفسك مشمئزاً من نفسك وغباء نفسك وجهل نفسك أنه معقولة يا نفسي ما شمِّيتي شي، وليييي، المصيبة هنا وليست تماماً في جرابات الأخ، المشكلة في أنفي، في حاسة شمي، في ذكائي، في فطنتي، وتشكُّ في نفسك "شكة" قوية وتصرخ أخخخخخخ، ولماذا أخخخخ وليس آاااااخ، فهذا لتأكيد حالة المفاجأة في الألف والترنم والسلطنة على غبائك وعدم نباهتك في الخاء، وبسبب "الجرابات" يفقد أبناء الشعب الثقة بأنفسهم، ويذهبون إلى العمل بوجوه ممتعضة وقرفانة وكأنهم جميعاً شمُّوا رائحة "جرابات" وسخة، هم هكذا فعلاً، عفواً، فالحديث أخذنا، وبلشنا نخلط بين الأصل وبين المثال، وصار الكلام بحالة انفصام، لكن نفسك المتحدية المتتلمذة بأدب وذوق هذه المرة وليس ككل مرة تصيغ السماع، تريدك أن تلطشها لطشة من لطشاتك المقهورة مشان تعرف أنها موجودة، فتنظر إليها باستعجال وتتابع حديثك المفضَّل في ربط رائحة "الجرابات" بالأخلاق، ويتصدَّى لك دكاترة الفلسفة وعلوم الأنفاس و"كبسها"، ويجادلك باستنكار رعاة الخِيار، ويطلب الرايح بسبب رائحة "الجرابات" طلب الإقامة في بلد بعيد، ويبدأ رحلته في الغناء والتي هي بند ثان في الشعار الذي بدأ رحلته تحت ظلاله وهو ( ابعد عن الشر وغني له)، وكثر المطربون المبتعدون الذين يغنون للشر وانهار المجتمع بسببهم، وانهارت الذائقة، يعني صارت العالم دون ذوق، ومع ذلك ما زال هناك من يستنكر أنك تربط الأخلاق برائحة "الجرابات"، وتغضب، وتصرخ أنَّ الأقدمين قالوا ذلك، وأنَّ الأقدمين كانوا عارفين بأحوالكم ومآلكم ومصائركم، وأنَّ الأقدمين تركوا لكم الكتب لتقرأوها لا لتصمدوها، لتتصفَّحوها لا لتضربوا بها الأولاد المشاغبين من أولادكم، لتتعلَّموا منها لا لتهدوها لبياع الفلافل من أجل حفنة من الدولارات، هذه كتبكم، أنتم اشتريتموها واخترتموها ووضعتموها في صدور مكتباتكم لتقدم صورة عنكم، لماذا لا تعودون إليها، لماذا لا تتعلَّمون منها، لماذا ترمونها خلف ظهوركم وتركضون بدون مرجعيات في الحياة، دون أن تنتبهوا حتى إلى ريحة الجرابات؟!!

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 2:15 pm